سعر الذهب يصل إلى أعلى مستوى قياسي وسط حالة عدم اليقين في الانتخابات الأمريكية

الذهب يرتفع إلى 2,691 دولار بفضل عدم اليقين الانتخابي الأمريكي، رغم الأداء القوي لمبيعات التجزئة وبيانات سوق العمل

سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا كبيرًا، حيث وصلت إلى 2,691 دولار للأونصة في تداولات الجلسة الأمريكية يوم الخميس، ولكن رغم هذا الارتفاع الكبير، لم يتمكن الذهب من تجاوز حاجز 2,700 دولار، وذلك في ظل حالة من عدم اليقين السياسي المتزايد في الولايات المتحدة نتيجة الانتخابات القادمة.

ورغم القوة التي أظهرتها البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة، بما في ذلك مبيعات التجزئة التي تفوقت على التوقعات وبيانات الوظائف التي أظهرت تحسنًا في سوق العمل، إلا أن أسعار الذهب استمرت في الارتفاع، مدفوعةً بقلق المستثمرين من الأوضاع السياسية والاقتصادية المتقلبة.

بيانات اقتصادية أمريكية قوية تتزامن مع انتعاش في العوائد على السندات الأمريكية

عقب إصدار بيانات اقتصادية أمريكية مشجعة، بما في ذلك ارتفاع مبيعات التجزئة في سبتمبر وتراجع طلبات إعانة البطالة، شهدت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات انتعاشًا واضحًا، حيث ارتفعت بمقدار 8 نقاط أساس لتصل إلى 4.096%.

هذا الارتفاع في العوائد أدى إلى تراجع سعر الذهب إلى 2,672 دولار، إلا أن المعدن الأصفر سرعان ما استعاد جزءًا من قيمته مع مرور الوقت.

ورغم أن بيانات الاقتصاد الأمريكي أظهرت مرونة واضحة، إلا أن حالة عدم اليقين السياسي التي تكتنف الانتخابات الأمريكية دفعت المستثمرين إلى الإقبال على الذهب كملاذ آمن.

في المقابل، سجل مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، الذي يقيس أداء الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسية، ارتفاعًا بنسبة 0.26% ليصل إلى 103.79، وهو أعلى مستوى له منذ شهرين. هذا الصعود في مؤشر الدولار يضع قيودًا على استمرار صعود أسعار الذهب، التي ترتبط بشكل تقليدي بعلاقة عكسية مع قوة الدولار الأمريكي.

المتداولون يقللون من توقعاتهم بشأن خفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي

في أعقاب صدور البيانات الاقتصادية، والتي أظهرت تحسنًا في النشاط الاقتصادي وسوق العمل، قلص المتداولون من رهاناتهم على تخفيض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نهاية هذا العام. فقد انخفضت احتمالات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر القادم من 94% إلى 88.2%.

في الوقت نفسه، ارتفعت نسبة احتمالات إبقاء الفائدة كما هي إلى 11.8%.

تعد هذه التوقعات مؤشرًا على أن الفيدرالي الأمريكي قد يظل مترددًا في خفض الفائدة إذا استمرت البيانات الاقتصادية في إظهار مرونة النمو واستقرار سوق العمل. من الجدير بالذكر أن الخفض المتوقع للفائدة كان في وقت سابق يعتبر خطوة هامة لتحفيز الاقتصاد، لكن البيانات الأخيرة قد تغير هذا التوقع.

بيانات اقتصادية قوية تعكس قوة الاقتصاد الأمريكي

مبيعات التجزئة: وفقًا لوزارة التجارة الأمريكية، ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.4% في سبتمبر، متفوقةً على التوقعات التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 0.3%. هذه الزيادة في مبيعات التجزئة تشير إلى استمرار القوة الشرائية للمستهلكين الأمريكيين، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على نمو الاقتصاد الأمريكي في الربع الثالث من 2024.

طلبات إعانة البطالة: أظهرت بيانات وزارة العمل الأمريكية أن طلبات إعانة البطالة الأولية للأسبوع المنتهي في 12 أكتوبر بلغت 241 ألف طلب، وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى حوالي 250 ألف طلب. هذا التراجع يعكس استقرارًا نسبيًا في سوق العمل الأمريكي، حيث استمر الاقتصاد في إضافة وظائف جديدة، وهو ما يعد مؤشرًا قويًا على مرونة الاقتصاد الأمريكي.

الإنتاج الصناعي: من جهة أخرى، أظهرت بيانات الإنتاج الصناعي الأمريكية لشهر سبتمبر تراجعًا بنسبة 0.3% على أساس شهري، بعد أن كانت البيانات السابقة قد أظهرت نموًا بنسبة 0.3%. هذا التراجع يعكس تأثير بعض العوامل الخارجية التي أثرت في الأداء الصناعي الأمريكي، مثل تقلبات الأسعار العالمية وارتفاع تكلفة المواد الخام.

تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي ترتفع إلى 3.4%

في سياق البيانات الاقتصادية الإيجابية، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا تقديراته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الثالث من 2024 إلى 3.4%، مقارنةً بتقديرات سابقة كانت تشير إلى 3.2%.

هذا التقدير يعكس قوة الاقتصاد الأمريكي في ظل الظروف الحالية، ويزيد من التفاؤل بشأن قدرة الاقتصاد الأمريكي على تجاوز أي تحديات مستقبلية قد تنشأ، سواء على صعيد السياسة الداخلية أو الأزمات العالمية.

عدم اليقين الانتخابي الأمريكي يرفع الطلب على الذهب كملاذ آمن

الانتخابات الأمريكية التي تقترب بسرعة باتت تشكل مصدرًا رئيسيًا لعدم اليقين في الأسواق العالمية. مع اقتراب موعد الانتخابات، تتزايد المخاوف من تقلبات سياسية قد تؤثر على استقرار الاقتصاد الأمريكي وتنعكس على الأسواق العالمية بشكل عام.

في هذا السياق، يشهد الذهب طلبًا متزايدًا كملاذ آمن، حيث يعتبر المستثمرون أن المعدن الأصفر هو الحافظة الأمثل للقيمة في أوقات عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

وفي هذا الإطار، قال نيت شاه، الاستراتيجي في شركة "ويزدم تري": "بالإضافة إلى التوترات في منطقة الشرق الأوسط، تقترب الانتخابات الأمريكية التي تُعد واحدة من أكثر الانتخابات تنافسية في السنوات الأخيرة، وهو ما يضيف طبقة إضافية من عدم اليقين إلى الأسواق المالية. وعندما يتزايد عدم الاستقرار، غالبًا ما يزداد الإقبال على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا".

التحليل الفني: الذهب يستعد للارتفاع نحو 2,700 دولار

من الناحية الفنية، يظل الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب مستمرًا. المؤشرات الفنية، بما في ذلك مؤشر القوة النسبية (RSI)، تشير إلى أن الزخم الشرائي ما زال قويًا، مما يزيد من احتمالية دفع أسعار الذهب نحو حاجز 2,700 دولار في الأجل القصير.

إذا نجح الذهب في اختراق أعلى مستوى لعام 2024 عند 2,696 دولار، فمن المتوقع أن يواصل صعوده نحو مستويات جديدة، حيث من المحتمل أن يصل إلى 2,700 دولار، تليه مستويات 2,750 دولار و2,800 دولار في حال استمرار الزخم الصعودي.

من ناحية أخرى، إذا شهدت الأسعار تراجعًا، فإن الدعم الأول سيكون عند مستوى 2,670 دولار، وهو أعلى مستوى تم تسجيله في الرابع من أكتوبر الماضي. إذا تم كسر هذا الدعم، فقد يتراجع الذهب إلى مستوى 2,650 دولار، يليه مستوى 2,600 دولار.

في حالة حدوث ضعف كبير، فإن المتوسط المتحرك البسيط لمدة 50 يومًا عند مستوى 2,561 دولار سيكون بمثابة الدعم التالي.

عند النظر في الأسهم والمؤشرات والعملات الأجنبية والسلع للتداول والتنبؤات بالأسعار، تذكر أن تداول العقود مقابل الفروقات ينطوي على درجة كبيرة من المخاطر ويمكن أن يؤدي إلى خسارة رأس المال.

الإنجاز السابق لا يشير إلى أي نتائج مستقبلية. يتم توفير هذه المعلومات لأغراض إعلامية فقط ولا ينبغي تفسيرها على أنها نصيحة استثمارية.