الهند تنوع احتياطياتها: نظرة فاحصة
قبل وقت طويل من فرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تعريفات عقابية على الهند، كانت الهند تتخذ خطوات حثيثة لتقليل حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية وزيادة مشترياتها من الذهب. هذه الحركة هي جزء من استراتيجية أوسع لتقليل الاعتماد على الأصول التي كانت تعتبر في السابق ملاذات آمنة وتنويع احتياطياتها من النقد الأجنبي.
أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية أن الهند خفضت حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية إلى 227.4 مليار دولار في يونيو، بانخفاض عن 235.3 مليار دولار في مايو. ويمثل هذا أيضًا انخفاضًا عن حوالي 242 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي. في الوقت نفسه، كشفت البيانات أن بنك الاحتياطي الهندي (البنك المركزي) زاد من حيازاته من الذهب خلال نفس الفترة.
قال وزير المالية الهندي في تصريح له إن بنك الاحتياطي الهندي يتخذ "قرارات مدروسة" بشأن تنويع الاحتياطيات. تحتل الهند حاليًا المرتبة الرابعة عالميًا من حيث احتياطيات النقد الأجنبي، والتي تبلغ حوالي 694 مليار دولار.
لماذا تنوع الهند احتياطياتها؟
على الرغم من الزيادة القياسية في حيازات المستثمرين الأجانب لسندات الخزانة الأمريكية في يونيو مدفوعة بتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والمكاسب الرأسمالية المحتملة، اختارت الهند التحرك في الاتجاه المعاكس. يتزامن هذا مع اتجاه أوسع بين البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم لزيادة مشتريات الذهب في مواجهة تصاعد حالة عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي العالمي، بهدف تقليل التعرض للمخاطر المرتبطة بالدولار الأمريكي.
قال Gaurav Kapur، كبير الاقتصاديين في بنك IndusInd Bank Ltd.، إن التوترات الجيوسياسية لها أيضًا تأثير كبير على قرارات البنوك المركزية، لا سيما في أعقاب تجميد الولايات المتحدة لاحتياطيات النقد الأجنبي الروسية بعد الصراع الأوكراني في عام 2022.
وأضاف كابور: "هناك الآن فهم مشترك بأنه إذا كان بإمكان الولايات المتحدة تجميد أصول روسيا، فيمكن القيام بذلك ضد أي دولة. أي بنك مركزي سيرغب في تنويع احتياطياته".
الذهب كأصل استراتيجي
في إشارة إلى التحول الاستراتيجي، زاد بنك الاحتياطي الهندي حيازاته من الذهب من 841.5 طنًا في العام السابق إلى ما يقرب من 880 طنًا بحلول يوليو. بالإضافة إلى ذلك، قام البنك المركزي بإعادة المزيد من احتياطياته من الذهب إلى الوطن، حيث ارتفعت كمية سبائك الذهب المحتفظ بها محليًا من 292 طنًا في سبتمبر 2020 إلى 512 طنًا.
في مقال رأي نُشر الشهر الماضي، كتب نائب محافظ بنك الاحتياطي الهندي السابق مايكل باترا أن البنوك المركزية "تشعر بالقلق بشأن الوصول إلى الذهب المخزن في الخارج في حالة الأزمات أو العقوبات أو تجميد الأصول ومصادرتها". وأشار إلى أن قرار الهند بإعادة احتياطيات الذهب يمثل جهدًا استراتيجيًا لتنويع الاحتياطيات وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.
لعب باترا، الذي تقاعد في يناير بعد أن شغل منصب نائب محافظ بنك الاحتياطي الهندي لمدة خمس سنوات، دورًا محوريًا في قرارات شراء الذهب التي اتخذها بنك الاحتياطي الهندي خلال فترة ولاية المحافظ شاكتيكانتا داس.
الآثار المترتبة على الاقتصاد العالمي
يُظهر تحرك الهند لتنويع احتياطياتها اتجاهًا متزايدًا بين الدول لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي. في حين أن الدولار الأمريكي لا يزال العملة الاحتياطية المهيمنة في العالم، فإن هذه التحركات قد يكون لها آثار طويلة الأجل على النظام المالي العالمي.
تتطلب إدارة المخاطر الفعالة للبنوك المركزية التقييم المستمر لاستراتيجيات تخصيص الأصول وتعديلها لتتماشى مع الظروف الاقتصادية والجيوسياسية المتغيرة. إن قرار الهند بتقليل حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية وزيادة ممتلكاتها من الذهب هو شهادة على هذا النهج الاستباقي. إن التحول نحو التنويع لا يحمي البلاد من المخاطر المحتملة فحسب، بل يضعها أيضًا في مكانة جيدة للاستفادة من الفرص الناشئة في الاقتصاد العالمي.
الخلاصة
في الختام، فإن تحرك الهند لتنويع احتياطياتها هو قرار استراتيجي مدفوع بمجموعة من العوامل، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية والمخاوف بشأن تجميد الأصول والرغبة في تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي. من خلال زيادة حيازاتها من الذهب وتقليل تعرضها لسندات الخزانة الأمريكية، فإن الهند تتخذ خطوات لحماية اقتصادها وتعزيز مكانتها في الاقتصاد العالمي.
تحذير بالمخاطر: تعكس هذه المقالة وجهات نظر الكاتب الشخصية فقط، ولا تمثل سوى مصدر مرجعي. كما أنها لا تُعَد نصيحة استثمارية أو توجيهًا ماليًا، ولا تُعبّر عن موقف منصة Markets.com.عند التفكير في تداول الأسهم، ومؤشرات الأسهم، والفوركس (العملات الأجنبية)، والسلع، والتنبؤ بأسعارها، فتذكر أن تداول عقود الفروقات ينطوي على درجة كبيرة من المخاطرة وقد ينتج عنه تكبد خسائر فادحة.أي أداء في الماضي لا يشير إلى أي نتائج مستقبلية. المعلومات المقدمة هي لأغراض معلوماتية فقط، ولا تشكل مشورة استثمارية. تداول عقود فروقات العملات الرقمية ومراهنات فروقات الأسعار محظور لكل العملاء الأفراد في بريطانيا.