في ظل الارتفاع الملحوظ لأسعار الذهب، قد يشعر البعض بأنهم "فاتهم القطار". لكن جان سكويلز، مديرة السوق في شركة "جولد كور" البريطانية لتجارة المعادن الثمينة، تؤكد أن الوقت لم يفت بعد للاستثمار في الذهب. تقول سكويلز: "الأمر ليس متأخرًا على الإطلاق، بل أنت في اللحظة المناسبة تمامًا".

تخطت أسعار الذهب حاجز 3200 دولار للأونصة، لكن هذا الرقم، بحسب سكويلز، ليس نهاية المطاف. إنه "مؤشر، وإشارة تحذيرية، تدل على أن هناك شيئًا أكبر يحدث تحت السطح". وتضيف: "عندما ترتفع أسعار الذهب بهذا الشكل، فهذا لا يعني أن الاقتصاد في حالة ازدهار، بل العكس تمامًا؛ إنه يشير إلى أن شيئًا ما ينهار، أو ربما قد انهار بالفعل".

لماذا الآن؟

عندما يسمع الناس أن الذهب وصل إلى 3000 دولار للأونصة، قد يكون رد فعلهم الأول: "لقد فاتني الوقت". لكن سكويلز تسخر من هذا التفكير، وتقارنه برفض قيادة السيارة لمجرد أن الطريق السريع يبدو مزدحمًا. تقول: "في الحقيقة، الانضمام الآن قد يكون أكثر أهمية من أي وقت مضى". فارتفاع الذهب غالبًا ما يصاحب لحظات فقدان الثقة بالأنظمة، أو عندما يبدأ الناس في التساؤل عما إذا كان "من يملكون السلطة لا يزالون يسيطرون على الوضع". لذا، إذا كنت مترددًا وتظن أن السفينة قد أبحرت، فإن سكويلز تقول بوضوح: "السفينة لم تبدأ الإبحار بعد".

مرونة الذهب في مواجهة التحديات

على الرغم من قيام بعض المستثمرين ببيع الذهب لتغطية أزمات السيولة، إلا أن الذهب أظهر مرونة قوية. في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2 أبريل عن سياسة "يوم التحرير" الجمركية، التي أدت إلى انخفاض حاد في الأسواق، لجأ البعض إلى بيع الذهب لتأمين السيولة. لاحقًا، أعلن ترامب تأجيل تطبيق التعريفات الجمركية لمدة 90 يومًا.

يقول روبرت مينتر، مدير استراتيجيات الاستثمار في صناديق المؤشرات في "أبردين للاستثمارات": "عادةً ما يُستخدم الذهب كمصدر للسيولة في بداية انخفاض الأسواق، مما يؤدي إلى تراجع طفيف في الأسعار، ثم يستقر بفضل خصائصه كملاذ آمن". ويضيف أن هذا النمط يتكرر الآن، حيث لم يتجاوز انخفاض الذهب 5%، ليعود بعدها لتسجيل أعلى مستوياته التاريخية.

الذهب: العملة التي لا تتحمل ديون الآخرين

يشير مينتر إلى أن التغيرات في سياسات ترامب التجارية تذكّر المستثمرين بأن الذهب هو "العملة الوحيدة التي لا تمثل ديون الآخرين". فكل العملات الأخرى تعتمد على "الثقة في الدول المصدرة وسياساتها". ومنذ تولي ترامب منصبه في يناير، شهدت السياسات الأمريكية تقلبات كبيرة.

من جانبها، تقول دينا تينغ، مديرة إدارة المحافظ العالمية في "فرانكلين تمبلتون": "تصرفات إدارة ترامب لم تعد تتماشى مع توقعات الأسواق التقليدية، التي بدأت تتفكك". وتتوقع أن تستمر البنوك المركزية في تخزين الذهب، مع تقليص الاعتماد على الدولار، خاصة مع استمرار الغموض حول التعريفات الجمركية.

مكانة الذهب الفريدة

من اللافت أن الذهب لم يُدرج ضمن خطة ترامب الجمركية. يقول مايكل ميشان، مدير الاستثمار في "هولو بروك لإدارة الثروات": "هذا يعكس مكانة الذهب الفريدة كمعدن أساسي في الأسواق المالية واحتياطيات البنوك المركزية". ويضيف أن هذا الإعفاء قد يسهم في استقرار سوق المعادن الثمينة وسط الاضطرابات التجارية.

ويؤكد ميشان أن سياسات ترامب عززت من قيمة الذهب في أعين المستثمرين. "طوال الوقت، كان الذهب يُعتبر مخزنًا للقيمة في أوقات عدم اليقين، ومع تقلبات الأسواق الناتجة عن التعريفات، ازداد هذا الإدراك قوة".

لكن تذكر: الذهب ليس للثراء السريع

تقول سكويلز: "الذهب لن يجعلك ثريًا بين ليلة وضحاها، لكنه قد يحميك من الإفلاس على المدى الطويل". وتضيف: "الذهب ليس مقامرة، إنه دعامة استقرار. تملكه ليس لتحقيق أرباح سريعة، بل لضمان ألا تسحب أصولك الأخرى مستقبلك إلى القاع عندما تتوقف الموسيقى".

تنويع المحفظة هو المفتاح

ينصح داروي كونغ، مدير محفظة السلع في "دي دبليو إس لإدارة الأصول"، بأن يحتفظ المستثمرون بمحفظة متنوعة، مع تخصيص 5 إلى 10% للأصول البديلة مثل الذهب، حسب درجة المخاطرة. ويوضح أن صناديق الذهب المتداولة (ETFs)، مثل "SPDR Gold Shares" (رمز GLD)، التي ارتفعت بنسبة 23% هذا العام، تُعد وسيلة فعالة ومنخفضة التكلفة للاستثمار دون الحاجة لتخزين الذهب المادي.

ويضيف كونغ: "في ظل تقلبات الأسواق وتزايد ضغوط التضخم بسبب التعريفات، نتوقع أن يظل الذهب أداة أساسية لتقليل المخاطر في المحافظ الاستثمارية".

حركة الذهب الكبيرة

تؤكد سكويلز أن سرعة ارتفاع الذهب ليست مجرد زيادة عادية، بل "انفصال" في النظام. تقول إن كل اختراق كبير لأسعار الذهب، كما حدث خلال جائحة كورونا عندما تجاوز 2000 دولار، لم يكن سببًا للاحتفال، بل "عرضًا" ينذر بتحديات أكبر. وتشير إلى أن الذهب قفز من 2500 إلى 3000 دولار في 210 أيام فقط، بينما كانت مثل هذه القفزات تستغرق سنوات في السابق.

وتختتم سكويلز: "الناس يدركون الآن أن الذهب ليس لمواجهة نهاية العالم، بل للتعامل مع عالم يتداعى بالفعل".

عند النظر في الأسهم والمؤشرات والفوركس (العملات الأجنبية) والسلع للتداول والتنبؤ بالأسعار، تذكر أن تداول العقود مقابل الفروقات ينطوي على مخاطر كبيرة وقد يؤدي إلى خسارة رأس المال.
الأداء السابق لا يشير إلى أي نتائج مستقبلية. هذه المعلومات مقدمة لأغراض إعلامية فقط ولا يجب اعتبارها نصيحة استثمارية.